المرأة والثقافة

مجرد سؤال ليس إلا

حماية البشر والمحافظة على حقوقهم في كل مكان دون تمييز هو شعار قامت من أجله العديد من المنظمات الدولية وليس تلك المرتبطة ببرامج ومشاريع ومنظمات وصناديق الأمم المتحدة فقط التي قامت من أنقاض الحرب العالمية لترفع كثيرا من الشعارات التي ألحقتها بقوانين وتشريعات وأنظمة دولية تحكم الشعوب، وأطلقت شعار «نحن الشعوب». وهناك غيرها كثير من المنظمات المختصة بعضها يعمل لحماية مصلحة الطفل الفضلى وأخرى للدفاع عن المرأة وحقوقها وتمكينها وغيرها من أجل الصحافيين وحرية التعبير، وأخرى تسهم في الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان، وغيرها كثير بل تعددت حتى أصبح التمييز بينها وحفظ أسمائها صعب على الفرد العادي أو رجل الشارع، حتى صار المرء يقول كثرت المنظمات الإنسانية والتنموية ومعها ازداد الفقر والعوز وانتشرت الأمراض الاجتماعية والظلم!!! هذه المنظمات أجمعها كانت تعمل في فلسطين كلها، ومن ضمنها بالطبع التي وجدت في غزة، والآن وبعد مرور أكثر من 200 يوم على حرب إسرائيل وحلفائها التي لم تكن حربا بل إبادة وتطهيرا عرقيا يطرح كثيرون السؤال وآخرون بكثير من الخجل وهم ينصتون «للشتائم» والإهانات من المسؤولين الإسرائيليين للموظفين والمديرين الدوليين دون أن تتحرك واشنطن ولا لندن ولا برلين ولا غيرها من الدول التي لطالما تغنت بالدفاع عن الحقوق وعن دور هذه المنظمات في الدفاع وتقديم العون والدعم للبشر ضحايا الحروب والعنف والإقصاء والتهجير والاعتقال والإكراه. السؤال المتدحرج ببعض الخجل أو التخوف من أن يوصم طارحه بأنه أو أنها «مؤيدون» لهجوم نتنياهو أو غيره من القتلة، هو «أين تلك المنظمات مما يجري في فلسطين؟ أين هي من أطفال ونساء فلسطين وهم حسب إحصائيات تلك المنظمات نفسها أكثر ضحايا القتل الإسرائيلي؟ أين هم خارج إطار رفع الصوت بين الفينية والأخرى إما بنشر الإحصائيات وهي متوافرة بدقة من المنظمات الفلسطينية العاملة على الأرض تلك التي تدون الصورة والاسم والعمر والوظيفة، وكل تفاصيل الفلسطيني المذبوح، فهم أكثر من يدرك ويؤكد على أن الفلسطيني ليس رقما؟ وعلينا أن نقر بأن كثيرا منهم يقومون بإصدار التصريحات مثل «نستنكر» و«ندين» و«تابعنا بقلق»، وغيرها من الكلمات الوصفية التي هي في الحقيقة يستخدمها مسؤولو المنظمات في كل الظروف الأخرى فيما الإبادة الصهيونية للفلسطينيين لا شبيه لها، ولم نر مثلها في التاريخ الحديث بمثل هذه الدموية والكراهية والعنف والهمجية، وأيضا بهذا الوضوح نفسه لأنها إبادة أمام أنظار العالم كله وبكل اللغات. في ظل كل هذا ألا يعد السؤال «أين المنظمات الإنسانية والتنموية والنسوية والمدافعه عن الحقوق من هذه المذابح؟ وأين هي من أن تقف مجتمعة بقياداتها لتقوم بفعل لا بيان مختلف عن كل مواقفها وبياناتها الروتينية؟ ألا يوجد في أنظمتها الداخلية وقوانينها ما يمكن استخدامه لفعل قد يشكل بعض الضغط على حلفاء الصهاينة؟». يقول أحدهم «لقد عبر البعض عن رفضه لسياسات بلاده عبر الاستقالة من منصبه سواء في وزارة الخارجية الأميركية أو كثير من المؤسسات الإعلامية وغيرها، فأين العاملون في هذه المنظمات من التعبير عن رفضهم لمواقف قيادتهم الروتينية؟»، بالطبع بعض من استقال من هذه المنظمات بما في ذلك الأمم المتحدة رفضا للحرب على غزة وكل فلسطين، حتى عندما اصطادت آلة القتل الصهيونية موظفي الأونروا وهم يقومون بدورهم في تقديم المساعدة للفلسطينيين وقتلتم، ولم تكتف بذلك بل قامت باتهام موظفي الأونروا بالمشاركة مع حماس في هجوم 7 أكتوبر، هكذا دون أدلة أو إثباتات، وهكذا قامت كل الدول الكبرى وللأسف الشديد قيادات منظمات الأمم المتحدة بالخضوع لرغبات القاتل الصهيوني في إيقاف أو فصل أو تجميد الدعم للأونروا، هكذا استمرت السردية الصهيونية في نشر الأكاذيب واستمر كثيرون في تصديقها ربما لأنهم هم الآخرون جزء من تلك المنظومة التي تحكم العالم «بغير العدل». حتى بعد كل ذلك لم يتحرك أي من العاملين في المنظمات الدولية من أقصى السماء لآخر بقعة في الأرض للتعبير عن شيء من التضامن مع زملاء وزميلات لهم حتى عبر رسالة أو بيان إعلامي أو وقفة صمت أو… أو غيره!!!! هناك صمت غريب يقول بعضنا إلا فيما ندر لنكون منصفين، أما الموظفون العرب المحتلون مناصب قيادية في هذه المنظمات فهم الآخرون ملتزمون الصمت أو يمارسون بعض النشاط هنا وهناك تحت ذريعة «نحن مجرد موظفين دوليين»، أو ربما يفعلون كما فعلت إحدى تلك المسؤولات بإعلان أساء لها ولكل العرب كما فعلت رئيسة جامعة كولومبيا العربية أيضا! هذه مجرد أسئلة لا اتهامات، ولكن وبعد كل هذا الموت والعالم كله يتحرك لا بد من فتح هذا الملف، ربما بعد أن يتوقف القتل اليومي لبعض الوقت أو ربما ما بعد غزة، فالعالم ما بعدها لن يكون كما قبلها، وهذا ما قاله كثيرون، وربما تلك الرسالة المفتوحة من قبل مجموعة من المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة التي وجهت لأمينها العام وفيها مطالبة بأن يكون تعيين وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ بعد ترك مارتن غرفث لمنصبه، بشكل شفاف وشامل وبناء على الخبرة لا الجنسية، حيث إن هذا المنصب، كما كثير من المناصب الأخرى في العديد من المنظمات الدولية، مقتصرة أو محتكرة على دول بعينها فقط، وبالطبع هي الدول نفسها التي تسيطر على معظم المنظمات والقرارات الدولية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى